اشتبه عليها الطهر من الحيض ... فماذا يلزمها فعله ؟
عندما كان يأتيني الحيض زمان من سنين ، كنت أحيانا أطهر ، ثم تنزل علي الدورة مرة أخرى ، وأيضا كنت أحيانا لا أعرف الطهر ( يختلط علي ) ، وأسأل أمي : أهذا طهر أم لا ؟ وكان ينزل علي إفراز أصفر ، وكنت أنتظر حتى يخف الصفار ويصبح أبيض ، حتى أغتسل ، وأحيانا لا ينزل الأبيض ، فكنت أنتظر حتى 15 يوما ، ثم أغتسل ، لأن أمي سألت شيخا فقال لها ذلك ، وقال لها : لا تغتسل حتى ترى القصة البيضاء ، ولكن بعد ذلك بفترة طويلة سألتني أختي عن إفرازي العادي في الطهر ، فأخبرتها بأنه مصفر ، وليس أبيض ، فقالت لي عليك أن تغتسلي عندما ينزل عليك الإفراز العادي الذي ينزل عليك في الطهر (الأصفر) ، فأصبحت أفعل ذلك .
فهل علي قضاء الصلوات السابقة ؟ وكيف أعرف عددها ؟ وما كيفية قضائها ؟
علما بأني موسوسة وسواسا شديدا ، وأخاف أيضا أن أكون اغتسلت وأنا حائض ، وأفكر في قضاء هذه الصلوات ، ولست متأكدة ، وأنا خائفة جدا ، ادع لي بالهداية .
وكذلك أخشى أني في بداية بلوغي لم أكن أقضي الوقت الذي تأتيني فيه الدورة ولم أصله بعد ، كأن يأتيني في العصر وأنا لم أصله ، ولكني لست متأكدة .
فهل أقضي هذه الصلوات ؟ وما كيفية قضائها ؟
نص الجواب
الحمد لله
الطهر له علامتان عند النساء :
الأولى : نزول القصة البيضاء .
الثانية : انقطاع دم الحيض ، بحيث لو احتشت المرأة بقطنة ونحوها خرجت نظيفة ، لا أثر عليها من دم أو صفرة أو كدرة .
فبعض النساء تعرف طهرها بالقصة البيضاء ، والبعض الآخر لا يرين القصة ، بل يكون الجفاف التام علامة على طهرها .
والْقَصَّةُ البيضاء : هي شَيْءٌ يُشْبِهُ الْخَيْطَ الأَبْيَضَ يَخْرُجُ مِنْ قُبُلِ النِّسَاءِ فِي آخِرِ أَيَّامِهِنَّ يَكُونُ عَلامَةً عَلَى طُهْرِهِنَّ .
وَقِيلَ : هُوَ مَاءٌ أَبْيَضُ يَخْرُجُ فِي آخِرِ الْحَيْضِ .
ينظر : "الموسوعة الفقهية الكويتية" (23/279) .
ثانياً :
إذا انقطع دم الحيض وجف المحل من الدم ، جفافاً تاماً ، فقد طهرت من حيضك ، ثم لا تبالي بما ينزل عليك من ماء أصفر أو غيره ؛ لحديث أم عطية رضي الله عنها قالت : " كُنَّا لَا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا " رواه أبو داود(307) وصححه الشيخ الألباني.
قال النووي رحمه الله : " علامة انقطاع الحيض ووجود الطهر : أن ينقطع خروج الدم ، وخروج الصفرة والكدرة , فإذا انقطع طهرت سواء خرجت بعده رطوبة بيضاء أم لا " .
انتهى من "المجموع" (2/562).
وسئل علماء " اللجنة الدائمة " (4/206) : " ترى المرأة بعد انتهاء دم الحيض لوناً يميل للبني ، صغير البقعة ، قليل الكمية ، دون أن ترى علامة للحيض ، وقد يستمر يومين أو أكثر ، فماذا يكون عليها ؛ هل تصلي وتصوم ؟ أم تنتظر إلى أن ترى الطهر الجاف أو العلامة ؟
فأجابوا: "
إذا طهرت المرأة من حيضتها ، فرأت - بعد الطهر وعلامة الجفاف أو القصة البيضاء - بعض الإفرازات ؛ فإنها لا تعدها حيضاً ، وإنما حكمها حكم البول ، عليها الاستنجاء منها ، والوضوء الشرعي ، وهذا أمر يحصل لكثير من النساء ، وتمضي في طهرها بأداء الصلوات وصيام رمضان ، وقد صح عن أم عطية رضي الله عنها أنها قالت : ( كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا ) رواه أبو داود بسند صحيح ، ورواه البخاري لكن دون قولها بعد الطهر " انتهى .
وجاء أيضاً : في فتاوى "اللجنة الدائمة" : (4/222) المجموعة الثانية : " نعرف أن الطهر يتبين بحالتين : الجفاف أولاً أو القصة البيضاء ، ومشكلتي أنني أرى الجفاف ثم بعد أيام أرى القصة البيضاء ، وأحياناً أرى القصة البيضاء ثم أرى بعده الكدرة والصفرة ..
فأجابوا : إذا رأت الحائض الطهر التام واغتسلت من حيضها فإنها لا تلتفت لما يحصل بعد ذلك من الكدرة والصفرة ؛ لقول أم عطية رضي الله عنها ( كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً ) " انتهى.
أما إذا نزلت صفرة أو كدرة متصلة بدم الحيض ، فلا تعجل المرأة بالاغتسال؛ لأن الصفرة المتصلة بالدم دليل على عدم النقاء من الحيض ؛ ولهذا قالت أم عطية : ( بعد الطهر ) ؛ فدل على أن للصفرة والكدرة قبل تحقق الطهر ، أثرا ؛ فهي دليل على عدم النقاء من الحيض .
وأما الانتظار مدة خمسة عشر يوما ، فهو في حق من لم تر واحدة من العلامتين السابقتين للطهر ؛ بل استمر الدم معها ، فإنها تمكث خمسة عشر يوما ، ثم تتطهر ، وتصلي وتصوم ، عند جمهور الفقهاء .
وأما قبل ذلك : فإنها متى رأت الطهر ، تطهرت ، وصلت وصامت ، على ما سبق .
وينظر : "المغني" ، لابن قدامة (1/214) ، وأيضا : جواب السؤال رقم : (95421) .
ثالثاً:
أما قضاء ما فاتك من الصلوات ، لأنك معذورة في ذلك بالجهل بالحكم الشرعي ، خاصة لو كنت سألت أحدا من المشايخ أو المفتين ، فأفتاك بشيء ، فهذا أدعى للعذر ، ولو كان ما عملت ، أو ما أفتاك به : خطأ في واقع الأمر .
والذي ننصحك به : ألا تلتفي لكثرة الوساوس والشكوك ، فإن من شأنها أن تفسد عليك عبادك ، وتكدر عليك عيشك ، ثم إن فتح بابها ، لا ينتهي عند حد ، ولا يتوقف على حال ؛ بل متى استرسلت وراء الشكوك في شيء ، فتح عليك الشيطان غيره .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " إذا كَثُرت الشُّكوك مع الإِنسان ، حتى صار لا يفعل فِعْلاً إلا شَكَّ فيه : إنْ توضأ شَكَّ ، وإنْ صَلَّى شَكَّ ، وإن صام شَكَّ ، فهذا أيضاً لا عِبْرَة به ؛ لأن هذا مرض وعِلَّة ، والكلام مع الإِنسان الصَّحيح السَّليم مِن المرض ، والإِنسان الشكّاك هذا يعتبر ذهنه غير مستقر ، فلا عِبْرَة به " انتهى من " الشرح الممتع "(3/379) .
نسأل الله أن ييسر لك أمرك ، ويعافيك مما ابتلاك به .
والله أعلم .
0 Comments: